الإشكالية: السياسة القمعية الفرنسية ولّدت المقاومة الوطنية الجزائرية
إشكالية المقاومة الوطنية ورفض الوجود الاستعماري الفرنسي، هو نضال الكرامة والوحدة، لأنّ الاستعمار جاء إلى هذه الأراضي بشعارات حضارية ونبيلة كاذبة و لم تكن يوما مفيدة للانسانية، إنّ رسالة فرنسا الحضارية التي جاءت بها إلى الجزائر هي رسالة القتل والابادة وحرمان الشعوب في معيشة هادئة. فما على الشعب إلا الصمود والمقاومة لاسترجاع حقه من العدو الهمجي.
الوضعية الثالثة: المقاومة الوطنية ورفض الوجود الاستعماري ومظاهره
الكفاءة المستهدفة: أن يكون المتعلم قـادرا على تحليل مقاومة الشعب الجزائري للاستعمار الفرنسي ، و تقييم نتائجها.
إحدى المقاومات الشعبية الجزائرية |
التعرف على أنــواع المقـــاومة في الجزائر
تنوعت المقاومــة الوطنيــــة في الجزائــر في فترة ما بين 1830 ـ 1954بين الكفاح المسلح و السياسي، وهذا النص يوضّح أهم المراحل التي سلكها نضال الشعب الجزائري من المقاومة المسلحة إلى المقاومة السياسية.
لقد لجأ الجزائريون إلى انتهاج شتى السبل من أجل رد الحقوق والمحافظة على الشخصية الوطنية، ولعل من بينها إنشاء الأحزاب والنوادي والتي تنوعت حسب مشارب ومآرب كل تيار فنجد نخبة المحافظين (عبد القادر المجاوي، عبد الحليم بن سماية، المولود بن الموهوب، عمر راسم، حمدان لونيسي.) تهدف إلى المحافظة على الشخصية الوطنية الإسلامية، بينما في المقابل نجد النخبة الليبرالية التي تدعوا إلى التجنيس والإدماج (بن حميدة بن التهامي، بن جلول). ومع مطلع 1919 بدأت الحركة السياسية في الجزائر تنشط أكثر فتأسست أحزاب وجمعيات فعالة جدا مثل حركة الأمير خالد(حزب الإخاء الجزائري 1922) ثم بعد ذلك حزب نجم شمال إفريقيا 1926 وهو أول اتجاه ثوري استقلالي في الجزائر، بالإضافة إلى فيدرالية النواب المسلمين الجزائريين 1927 بقيادة بن التهامي، بن جلول وفرحات عباس. في حين تعد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست في 5/05/1931 بقيادة بن باديس أكبر تنظيم إصلاحي في الجزائر يدعوا الأمة إلى الرجوع إلى تعاليم ديننا الحنيف.
1- المقاومــــة المسلحـة
تعتمد على قوة السلاح وجيش نظامي يقوده الأغا، أو وعدد المتطوّعين من الشباب الدربين على حرب العصابات التي تحتاج إلى الخفة والسرعة ونصب الكمائن، وهي بدورها تنقسم إلى نوعين هما: المقومة الرسمية والمقاومة الشعبية.
أ- المقــاومــــة الرسميـــــة:
وهي التي تخضع للنظام الحاكم وتتميز بجيش نظامي مسلّح بالبنادق والسيوف والمدافع، وقائد عسكري برتبة آغا نذكر منها:
- معركة سطاوالي وقعت في 19 جوان 1830، حيث قام ديوان الداي بوضع خطة لعرقلة تقدم القوات الفرنسية في قرية اسطاوالي بقيادة الأغا إبراهيم، وتعتبر هده المعركة أول مواجهة بين الطرفين انهزمت فيها القوات الجزائرية
- مقاومة احمد باي (1832- 1848): كان أحمد باي يمثل السلطة في الشرق، قاوم الاحتلال مند الوهلة الأولى حيث شارك في معركة اسطاوالي، وبعد الانهزام عاد إلى قسنطينة لينظم مقاومته ورفض العروض المقدمة له من طرف الاستعمار، و امتدت مقاومته الرسمية مابين 1836 – 1837 في معركتي قسنطينة الأولى و الثانية. وتحتل فرنسا قسنطينة.
ب- المقاومــــة الشعبيـــة:
وهي مختلف المقاومات العسكرية التي نظمها الشعب الجزائري ضد القوات الغازية بقيادة بعض الأعيان و زعماء القبائل والزوايا، و تميزت بالطابع الجهادي و الديني بدعم من رجال الدين و الزوايا - اختلاف إطارها الجغرافي ـ القيادة الجماعية. ورغم فشلها رسخت مبادئ الجهاد التضحية في سبيل الوطن. ومنها:
- مقاومة الأمير عبد القادر 1832-1847.
- مقاومة فاطمة نسومر1851-1857.
- مقاومة المقراني:1871.
- مقاومة الشيخ بوعمامة:1881 - 1904 ...
2- المقاومــة السياسية
انحصرت في البداية بإصدار بعض أعيان الجزائر لعرائض توضح للسلطة الفرنسية في باريس انتهاكات قادتها و عدم تطبيقهم لبنود معاهدة الاستسلام و على رأسهم نجد حمدان خوجة. و سيتطور مسار الكفاح السياسي ليشمل فيما بعد تكوين النوادي و الجمعيات الثقافية (نادي صالح باي 1908- نادي الترقــي 1927- الجمعية الراشديــــة 1894- الجمعية التوفيقية 1908) - ثم الأحزاب السياسية و الجمعيات الإصلاحية مثل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
أهداف المقاومة الوطنية
- تحرير الوطن و استرجاع سيادته
- مواجهة المخططات الاستعمارية.
- إفشال المخططات الاستيطانية
- الدفاع و المحافظة على المقومات الوطنية.
- التخلص من الاستعمار وتحقيق الاستقلال.
- استعادة ماسلبه الاستعمار من ثروات و أملاك
- ضمان استمرارية الدولة الجزائرية
تحديد وشرح أساليب المقاومة الوطنية
في بداية القـرن العشرين و بالضبط مع نهاية الحرب العالمية الأولى، تغير اسلوب الشعب الجزائـري في مقـاومة الاحتلال الفرنســــي، إذ لم يعد يعتمد على المقاومة الشعبية المسلحة المنطلقة من الأرياف ، بل سلك اسلوبا جديدا و المتمثل في النضال السياسي
1- أساليب المقاومة المسلّحة
اعتمدت المقــــــاومة المسلحـــة على :
- الطرق والزوايا الدينية.
- تجنيد المتطوعين.
- توعية الناس وتحريضهم ضد الاستعمار.
- أسلوب حرب العصابات (المواجهة غير المباشرة).
- توفير الأسلحة (جمعها من المواطنين، صناعتها، الحصول عليها من العدو).
2- أساليب المقاومة السياسية
أ- الوفود و العرائض:
تقديم العرائض الاحتجاجية و رسائل من طرف أعيان و وجهاء الجزائر من بينهم "إبراهيم بن مصطفى باشا- سيدي أمحمد بن عنابي- أحمد بوضربة و حمدان بن عثمان خوجة الذي تزعم هذه في الفئة في الدفاع عن الجزائريين منذ الوهلة الأولى للاحتلال إذ قدم في 3 جوان 1833 عريضة يقدم فيها تقريرا عن أحوال الجزائريين.
ب- الجمعيات والنوادي الثقافية:
تجدد النهضة الجزائرية في مطلع القرن 20م أدت إلى ظهور حركة ثقافية وفكرية حملت على عاتقها مسؤولية قيادة النضال السياسي إذ تميز أسلوبها بميزتين رئيسيتين هما الأصالة و الحداثة هي:المقاومة السياسية تمثلت في نشاط النوادي و الجمعيات الثقافية، والأحـزاب السياسية والتي انقسمت إلى عدة تيارات منها:
- نخبة المحافظين (الأصالة): ينادون بالاحتفاظ بقوانين المجتمع الجزائري والشريعة الإسلامية يضم جملة من العلماء والمثقفين مثل: عبد القادر المجاوي، عبد الحليم بن سماية، عمر راسم وعملت هذه الجماعة على تأسيس النوادي و الجمعيات الثقافية التي استغلتها في نشر الوعي وإصلاح المجتمع.
- النخبة الليبرالية (الحداثة): تأثروا بالمدرسة الغربية يعود الفضل في ذلك إلى ظهور جيل من الشباب المثقف وكذا دفعات من الطلاب الجزائريين الذين تابعوا تعليمهم باللغة الفرنسية , واقتبسوا من الثقافة الغربية طرقا جديدة في التفكير يدعون إلى إدماج الجزائريين في المجتمع الفرنسي ومن أبرزهم ابن التهامي.
ج- نشاط الحركة الوطنية:
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى نشطت الحركة الوطنية على الصعيد السياسي , فاتحة المجال أمام تكوين منظمات سياسية تمثلت في ظهور تيارات وطنية شعبية وتأسيس أحزاب سياسية من أهمها :
- حركة الإصلاح و المساواة: ظهرت سنة 1919م على يد الأمير خالد الذي عبر عن مطالبه في عريضة قدمها إلى الرئيس الأمريكي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى حيث طالب بإصلاح أحوال الشعب الجزائري وتحقيق المساواة دون التخلي عن المقومات الشخصية الجزائرية ويعتبر أول من دول القضية الجزائرية.واستمر على نهجه إلى أن عين كرئيس شرفي لحزب نجم شمال افريقيا.
- الاتجاه الثوري الاستقلالي: يدعو هذا إلى الاستقلال تمثل في برنامج حزب نجم شمال لإفريقيا بقيادة مصالي الحاج 1926م كان يضم عمال شمال إفريقيا ليصبح في 1927 جزائريا بعد انسحاب الوفد المغربي و التونسي ونظرا لبرنامجه السياسي الداعي إلى الاستقلال تم التضييق وحله سنة 1929م ليتم تأسيسه تحت اسم جديد نجم شمال إفريقيا المجيد ثم تعرض أيضا للحل وظهر باسم حزب الشعب الجزائري 1937م، ثم باسم حركة انتصار الحريات الجيمقراطية 1946.
- فيدرالية المنتخبين المسلمين الجزائريين: من أبرز قياداته ابن التهامي ، محمد الصالح بن جلول، فرحات عباس يدعو إلى إدماج الجزائريين في المجتمع الفرنسي. وقد وقع خلاف بين قياداته حول هذه الفكرة فتم انقسامه إلى تيار يدعو إلى التجنيس دون التخلي عن المقومات الشخصية ( العروبة و الإسلام) و التيار الثاني يدعو إلى التجنيس و الإدماج دون قيد او شرط يتزعمه فرحات عباس .
- جمعية العلماء المسلمين: تأسست في 5 ماي 1931 بالعاصمة في نادي الترقي من طرف نخبة من العلماء يترأسها الشيخ عبد الحميد بن باديس و البشير الإبراهيمي تدعو إلى إصلاح أحوال الشعب الجزائري ومحاربة البدع و الخرافات في ليست حزب سياسي وإنما تيار إصلاحي ديني.
- الحزب الشيوعي الجزائري: نشأ عن الحزب الشيوعي الفرنسي 1924م ليصبح حزب جزائري في 1936م يدعو إلى تحسين حالة العمال وظروف معيشتهم ورفع الجور فهو حزب اجتماعي. يتزعمه عمار أوزقان.
وتتلخص أنشطة الحركة الوطنية في أربع اتجاهات سياسية على النحو التالي:
- دعاة المســــاواة بقيادة الأميـــــــر خـــالد وحزب الإخاء الجزائري ( 1922).
- دعاة الاستقـــلال بقيادة مصـالي الحــاج وحركة نجم شمال إفريقيا 1926.
- دعاة الإدمـــاج بقيادة ابن التهـــامي، ابن جلول ،فرحات عبـــاس ،وحزب فيدرالية النواب المسلمين الجزائريين 1927.
- دعاة الإصـلاح بقيادة ابن بـــــاديس، البشير الإبراهيمي ، الطيب العقبي، وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين 1931.
- التيار الاجتماعي بقيادة عمـــــــــــــار أوزقـــــان والحزب الشيوعي الجزائري 1935 )
ج- الوسائل الثقافية و الفكرية:
قد لعبت دورا كبيرا في إرساء معالم النهضة الجزائرية بدءا من الصحافة بمختلف أشكالها إلى النوادي الثقافية و الجمعيات مثل الكشافة الإسلامية الجزائرية بقيادة محمد بوراس الذي عمل على تغذية الحس الوطني.
قد لعبت دورا كبيرا في إرساء معالم النهضة الجزائرية بدءا من الصحافة بمختلف أشكالها إلى النوادي الثقافية و الجمعيات مثل الكشافة الإسلامية الجزائرية بقيادة محمد بوراس الذي عمل على تغذية الحس الوطني.
3 ـ تقييـــم نتـــائجها الايجابية والسابية
- ساهمت في توعية الشعب.
- افشال المخططات الاستعمارية.
- دافعت عن هوية الشعب الجزائري.
- أكدت رفض الاستعمار و تمسك الشعب بأرضه و حريته.
- كشفت حقيقة الاستعمار( التناقض بين مبادئ فرنسا و سياساتها وخاصة مجازر 8ماي).
- عدت الجيل الذي حرر الوطن.
- إدراك الشعب الجزائري أهمية الوحدة من خلال المؤتمر الإسلامي 1936- 1937.
- مكنت المقاومة من إعداد الجيل الذي قاد الثورة التحريرية الكبرى.
- فشلت في توحيد صفها.
- فشلت في تحرير الوطن.
مفاهيم الممصطلحات وشخصيات الوضعية
- أحمـد باي (1786 ـ 1850): كرغلي كــان بايا على قسنطينة بين 1826 ـ 1837، أحد رموز المقاومة الوطنية قائد مقاومة الشرق بين 1936 ـ 1937 ، و بعد سقوط قسنطينة لجأ إلى الصحــراء ، ليستسلم سنة 1848 .
- الأمير عبد القـادر (1807 ـ 1883): شخصية جـــزائرية، قائد إحدى أبرز المقاومات الشعبيـــة ضد الاستعمــار الفــرنسي بين 1832 ـ 1847، نقل إلى فرنسا اثر استسلامه سنة1947 ، و وضع تحت الإقـــامة الجبرية إلى غاية 1852 ، ليرحل إلى اسطنبـــول ( تركيا) ثم إلى دمشق (ســوريا) سنة 1855، أين بقي إلى غاية وفـاته، نقل جثمانه إلى الجزائر سنة 1966.
- فاظمـــة نسومــر: ( 1830 ـ 1863) إحدى رمــوز المقاومــة الوطنيـة شاركت الشريف بوبغلة في قيادة مقــاومة في منطقـة القبـائل بين 1851ـ 1854، ثم تولت قيادتها إثر استشهـاد بوبغلة سنة 1854 إلى غاية 1857 حيث تم اعتقالها.
- الأمير خــالد: (1875 ـ 1936) سياسي جزائري ترأس الوفد الجزائري إلى مؤتمر الصلـــح سنة 1919، و أسس حزب الإخـــــاء سنة 1922 و تزعم دعـاة المساواة ، نفـي سنة 1923 إلى مصــــر ليستقر بدمشق (سوريا) إلى غاية وفاته .
- فرحات عباس (1899 ـ 1985): سياسي جزائري ، كان من أبرز دعاة الإدمـاج و التجنيس . محــرر بيـــــان فيفري 1943.
- ابن بـــاديس (1889 ـ 1940) شخصية دينية جزائرية ، رائد الحـركــة الإصلاحية في الجــزائــــر، مؤسس جمعية العلمــاء المسلميــــن الجزائريين سنة 1931 ...
- مصالي الحاج (1898ـ 1974): سيـاسي جـزائـــري، زعيم التيار الاستقلالي . تعـرض للأسر والإقامة الجبرية عدة مـرات ، وللنفـــــــي سنة 1941(إلى لومبيـــز ثم برازافيل).
- عمـار أوزقان: ( 1910 ـ 1981)سياسي جزائري ،من مــــؤسسي الحـزب الشيـــوعي
التقويم المرحلي
شرح أهم المفاهيم الأساسية في شكل كرونولوجيا الأحداث:
- قانون 4 فيفري 1919: يمنح بعض الحقوق للجزائريين بعد مشاركتهم في الحرب العالمية الأولى.
- مشروع بلوم- فيوليت 30 ديسمبر 1936: منح بعض الحقوق للجزائريين دون اشتراط التخلي عن الأحوال الشخصية الإسلامية.
- مشروع قسنطينة 12 ديسمبر 1943: جاء بها ديغول عبارة عن إصلاحات جاء بها ديغول.
- إصلاحات 7 مارس 1944: جاء بها ديغول عبارة عن جملة من الإصلاحات ردا على بيان فيفري 1943.
- دستور 20 ديسمبر1947: جاء ردا على مجازر 08 / 05 / 1945م محاولة لتهدئة الوضع.