الإشــكــاليــة: العـــــالم بين تطوّره في الشمال وضعفه في الجنوب
اشكالية التقدم والتخلّف من واقـــع الاقتصاد العالمي في عالمنا المعاصر الذي يعيش تطورات سريعة في حياتنا اليومية حتى أصبح المصطلحين من إشكاليات العصر عصر السرعة. في وضعيته الاشكالية الأولى وهي: إشكالية التقدّم والتخلّف.
الكفاءة القاعدية: أمام إشكاليات تتعلق بجغرافية العالم الاقتصادية. يكون المتعلم قادرا على تحليل نقدي لواقع الاقتصاد العالمي.
الوضعية الأولى :اشـكـــــــــالية التـقــــــدّم والتـخــــلّف
الكفاءة المستهدفة: أن يــكون المتعلم قـادرا على فهم التقدم و التخلف وتحديدهما، التعرف على معايير التصنيف بينهما.
مفهوم المصطلحـين: الـتــقـــــدم والـتـخــــلفتعدّدت المفاهيم والتعاريف حول مصطلحي التقدّم والتخلّف، ولكنها في معظم الحالات تتفق على ظاهرة قوة الانتاج أو ضعفه من أساس التقدّم والتخلّف في المجالات الاقتصادية.
- الـتـقــدم: القوة والتطوّر في معظم الميادين نتيجة لحسن استغلال الامكانيات المتوفرة.
- التخـلــف: الضعف والتراجع في مختلف المجالات نتيجة لسوء استغلال الامكانيات المتوفرة.
معـــــــايير التصنيـــف بيــن التــقـدم و التخلــفتعدّدت المعايير والمؤشرات في تصنيف ظاهرتي التقدّم والتخلّف، ومعرفة الدول المتقدّمة والدول المتخلّفة لتسهيل عملية تصنيفها. وتشمل كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهناك ترابط بين المعيار والمؤشر، وغياب أي منهما يعني لا يوجد تصنيف.
- المعيـار: هو ما يقاس إليه، الحدّ المطلوب تحقيقه من أهداف من خلال دراسة الامكانيات المتاحة،
- المؤشر: هو علامة يمكن ملاحظتها داخل المعايير (إما كمية أو نوعية) لمعرفة مدى التقدّم في الانجاز. أو هو عبارة عن أدلة تحدّد مدى الالتزام في تحقيق الأهداف المطلوبة. وتعتبر بمثابة القيم الفابلة للقياس.
أ- المعــــــــــــايـير والـمـــــــــؤشـــرات الاقـتـصـــــــــــــــاديــة:
وتعتمد أساسا على النواتج الداخلية والوطنية وكذلك حالة الانتاج الصناعي والزراعي والمبادلات التجارية وكفاءة اليد العاملة ونسبة نشاطها في مختلف القطاعات الاقتصادية.
- الناتج الوطني الخام PNB: ويحسب على أساس الثروة المنتجة داخل البلاد وخارجها خلال سنة واحدة. ويبرز الفوارق العامة في الثروة بين العالمين، إذ يمثل عالم الشمال 20% من سكان العالم وينفرد بحوالي 80% من الثروة العالمية في حين يمثل عالم الجنوب 80% من سكان العالم وينتج سوى 20% من الثروة العالمية سنويا.
- الناتج الداخلي الخام PIB: ويحسب على أساس الثروة المنتجة داخل البلاد فقط خلال سنة واحدة، ويكون ضخما في الدول المتقدمة وضئيلا في الدول المتخلفة.
- متوسط الدخل الفردي: أي نصيب الفرد من الدخل الوطني، ويحسب بقسمة الناتج المحلي على عدد السكان خلال سنة، ويقدر بمعدل حوالي 50 ألف دولار للفرد شمالا و1500 دولار للفرد جنوبا.
- نسبة اليد العاملة في القطاعات الاقتصادية: عمالة صناعية شمالا وفلاحيه جنوبا.
- نوع ومستوى الفلاحة: فلاحة متطورة، علمية، تجارية ذات إنتاج غزير في الدول المتقدمة. ولكن تقليدية، معيشية، لا تحقق الاكتفاء الذاتي في الدول المتخلفة.
- الصناعة: تحويلية في الشمال واستخراجية في الجنوب
- نسبة مساهمة الدولة من الإنتاج الاستراتيجي العالمي: الغذاء، الكهرباء، الاسمنت… فالشمال أقوى من الجنوب.
| معايير ومؤشرات التصنيف الاقتصادية |
ب - المعايير والمؤشرات الاجتماعية (البشرية والثقافية):
وهي متعدّدة وعميقة تنقسم إلى ثلاثة معايير أساسية وكل معيار إلى عدّة فروع، يسمح من خلاله قياس مدى التقدّم والتخلف، ثم تصنيف الدول المتقدمة والمتخلّفة بأسمائها. وتتمثل في: (المعيار الديمغرافي - المعيار الاجتماعي، المعيار الثقافي). المعيار الديمغرافي ومن أبرز مؤشراته:
- نسبة المواليد: منخفضة شمالا (1 %) ومرتفعة جنوبا (بمعدل 2.5 %).
- نسبة وفيات الرضع: منخفضة شمالا (بمعدل 0.3 %) ومرتفعة جنوبا (بمعدل 3 %).
- متوسط العمر أو أمد الحياة: أي متوسط عدد السنوات التي يأمل أن يعيشها الانسان عند ولادته في دولة ما، ويقدر بمعدل 80 سنة شمالا و65 سنة جنوبا.
- بنية السكان: ارتفاع نسبة الكهول والشيوخ شمالا وارتفاع نسبة الشباب جنوبا.
المعيار الاجتماعي، ومن أبرز مؤشراته:
- حالة التغذية: أي نصيب الفرد من الغذاء اليومي، ويقدر بمعدل 4000 حريره للفرد شمالا، و1700 حريره للفرد جنوبا.( الإنسان العادي يحتاج إلى ما دون 2400 حريره يوميا).
- حالة السكن: متوفر ولائق بمعدل غرفتين للفرد شمالا، غير متوفر وغير لائق بمعدل 05 أفراد في الغرفة الواحدة جنوبا.
- الخدمات الصحية: وتحسب بعدد الأطباء لكل 1000 نسمة مع نسبة التغطية الصحية من مستشفيات ومراكز مختصة وغيرها. وهي راقية وتلبي الطلب شمالا، قليلة وبسيطة جنوبا.
- وضعية المرأة والطفل: جيدة شمالا، وسيئة جنوبا.
- مؤشر التنمية البشرية I.D.H (Indice de Développement Humain): مؤشر اعتمدته هيئة الأمم المتحدة، يحسب على أساس ثلاث مؤشرات جزئية هي، الدخل الفردي، متوسط العمر، سنوات الدراسة. ويشكل سلما مدرجا من 0.01 إلى 0.99 - ما فوق 0.80 فهي دول متقدمة، ما تحت 0.50 دول متخلفة، ما بين 0.50 و 0.80 دول ناشئة أو صناعية جديدة.
المعيار الثقافي، ومن أبرز مؤشراته:
- نسبة الأمية: شبه منعدمة شمالا وبمعدل 40% جنوبا.
- نسبة التمدرس: 99 % من أطفال الشمال يزاولون دراستهم مقابل 60 % فقط جنوبا.
- نسبة مستعملي الأنترنت: مرتفعة شمالا وضئيلة جنوبا.
- عدد الإصدارات السنوية: أي عدد المؤلفات الجديدة في مختلف المجالات، وهي كثيرة ومتنوعة ومتجددة شمالا، ضئيلة وقليلة التنوع وقديمة المحتوى في الغالب جنوبا.
| مؤشرات التصنيف الاجتماعية |
ج - المعايير والمؤشرات السياسية:
وتعتمد أساسا على الأمن والاستقرار في الدولة وانعدام الحروب والارهاب، وكذلك مدى الصرامة في تطبيق القوانين واحترام الحريات الفردية وحرية الصحافة والتنقل، ومقاومة الهجرة غير الشرعية ... حتى يتسنى للدولة أن تنجز مشاريعها الاقتصادية التنموية. وإليكم جدول يبين بعض المؤشرات السياسية التي توضح الفارق بين الدول المتقدمة والمتخلّفة.
| مؤشرات التصنيف السياسية |
تصنيف الدول المتقدمة والدول المتخلفة باعتماد معايير محددة
| جداول إحصائية |
يعتمد التصنيف على مجموعة من المعايير والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي ذكرناها سابقا. ومن خلال هذه الجداول نبيّن ونوضّح بمعايير ومؤشرات محدّدة في تصنيف الدول المتقدمة والمتخلّفة.
التعليق على الجداول الثلاثة:
- المعايير والمؤشرات الواردة في السندات هي: معايير ومؤشرات اقتصادية.
- الدول المتقدمة المصنفة بهذه المعايير هي: كندا، اليابان، ألمانيا .
- الدول المتخلفة الصمنّفة بهذه المعايير هي: الهند، نيجيريا، مصر، الصين واندونيسيا.
أ - تصنيف عالم الشمال حسب درجة تقدمها إلى: - الدول الأكثر تقدما: وهي مجموعة 7 (الو م أ - كندا - اليابان - ألمانيا – فرنسا – إيطاليا - بريطانيا).
- الدول المتقدمة: روسيا النرويح واستراليا وأغلبية الإتحاد الأوروبي كوريا الجنوبية .
- الدول الأقل تقدما: دول أوروبا الوسطى و الشرقية.
ب - تصنيف عالم الجنوب حسب درجة النمو إلى: - الدول الصاعدة: تضم دول التنينات (تایوان، سنغافورة، هونغ كونغ) - والنمور (إندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلند)- جنوب أفريقيا والمكسيك والبرازيل والهند والصين وتركيا، غالبيتها من مجموعة بريكس.
- الدول السائرة في طريق النمو: الدول النفطية كالجزائر - السعودية - قطر ...
- الدول الأكثر تخلّفا: التي لا يتجاوز دخلها الوطني الخام 01 مليار $ عددها 35 دولة.
تحديد الدول المتقدمة و الـدول المتخلفــةهذه خريطة العالم صماء، ومن خلالها نحاول وضع خط فاصل بين العالمين المتقدم والمتخلف. طبعا ليس بتقسيم دقيق وإنما هو تقسيم نسبي عام اعتُمد عليه عالميا وفق المايير الاقتصادية والاجتماعية والثقافية محدّدة على النحو التالي: يتكون من مجموع الدول المتقدمة التي تقع شمال دائرة عرض “30 شمالا” في قارة أمريكا و “35 شمالا” في قارة أوروبا، إضافة إلى استراليا ونيوزيلندا في الجنوب. (أي يشمل الو.م.أ، كندا، أوروبا، روسيا، اليابان، أقيانوسيا). يتكون مما تبقى من الدول والتي تشكل مجموع الدول المتخلفة في كل من قارة إفريقيا، آسيا (دون اليابان وكوريا الجنوبية) وأمريكا اللاتينية. ما عدا أوقيانوسيا.
| خريطة صماء |
أسباب ومظاهر التخلفتعدّدت أسباب التخلّف في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية، لكن أهم الأسباب المؤدّية إلى التخلف بالدرجة الأولى هو طبيعة وكفاءة الانتاج والابتكار ووجود عقول مسيّرة وكفيلة بالانتاج.
أ- أسباب التخلف - الاستعمار الأوروبي وما نتج عنه من نهب لثروات هذه الشعوب.
- انتشار الفساد الادراي وقلة الموارد المالية.
- عدم الاستقرار السياسي و كثرة الحروب.
- انتشار الأمية وضعف التأهيل.
- الظروف الطبيعية القاسية كالجفاف والفيضانات والأعاصير…
- سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات على ثرواتها الطبيعية.
- طبيعة النظام الاقتصادي العالمي وأثره على اقتصاد الشعوب.
- ضعف البحث العلمي وعدم التحكم في التكنولوجيا الحديثة.
ب- مظاهر التخلف- الاضطرابات السياسية وكثرة الفتن والنزاعات الداخلية والخارجية.
- غياب الديمقراطية وضعف الوزن السياسي في المحافل الدولية.
- ارتفاع نسبة الديون والعجز العام في القطاعات الاقتصادية.
- التبعية الاقتصادية للدول الكبرى وسوء إدارة وتسيير الموارد.
- الانفجار الديمغرافي وعدم تحقيق الاكتفاء الذاتي أو الأمن الغذائي.
- انتشار الثالوث الأسود من فقر وجهل ومرض.
- انتشار ظاهرة الأمية وتهميش طبقة المثقفين والمتعلمين.
- قلة الإصدارات وضعف البحث العلمي.
مفاهيم المصطلحاتضرورة وصول المتعلّم إلى معرفة أهم المصطلحات التي تتحكم في الوضعية المدروسة والتي تخدم الموضوع وهي بمثابة مفاتيح لعناصر إشكالية الدرس المتمثلة في التقدّم والتخلّف.
- الدخل الفردي: متـوسط نصيب الفــرد من الناتج الداخلي الخام خــلال سنة واحدة، ويحدد بتقسيم الدخل الوطني على عـدد السكان، يعبر عن حـالة الوضع المعيشي
- مؤشر التنمية البشرية: مقيــاس تأليفي تتراوح قيمته بين 0 إلى 1 يتضمن أمل الحياة عند الولادة ، نسبة التمدرس و الدخل الفــردي
- الدول المتقدمة: مجمـوعة الدول التي حققت رخـــاءًا اقتصــاديا اجتماعيا وتطــورا علميا ، تدعى بدول الشمــال لوقوع معظمها في شمال الأرض
- الدول المتخلفة: مجمـوعة الدول العــاجزة عــن تحقيق تنميـة اقتصادية مستدامة، وتعـــاني من مشاكل اجتماعية عويصة، وتشهد تأخرا علميا. تدعى بدول الجنوب لوقوع معظمها في جنوب الأرض وكذلك بدول العالم الثالث.
التقويم المرحليهنا ييم الاجابة على نشاط تحديد العالمين المتقدّم والمتخلّف على خريطة العالم، حيث يبقى دائما هذا التقسيم نسبي، لأن معايير ومؤشرات التصنيف تتغير قيمتها من يوم لآخر، ومنه يؤدي إلى ظهور دول جديدة متقدّمة أو متخلّفة. | الخط الفاصل بين التقدم والتخلّف |
|